جاد حداد

Killerman... قوي رغم ابتذاله!

14 تشرين الثاني 2019

02 : 00

بدأ مخرج Cash Only (نقداً فقط)، مالك بدر، يرسّخ اسمه في عالم أفلام التشويق والجريمة عبر طرح سيناريواته المميزة عن حكايات أشرار أو صفقات سيئة. يغوص أحدث عمل له، Killerman (الرجل القاتل)، في عالم تجارة المخدرات ويسلّط الضوء على جانب وجودي فريد من نوعه لتقديم دراما ممتازة عن طريقة وصول الأموال والسلع إلى الأيادي الملطّخة بالدم. هذا الفيلم من النوع الذي لا يرتكز على حبكته فحسب، بل على أهدافه الطموحة، فيطرح أحداثاً مشوقة وجريئة، شرط أن نواكب القصة من البداية إلى النهاية.

قد تبدو بداية القصة جافة وجدّية: تأخذنا المشاهد الأولى من نقطة إلى أخرى لفهم صفقة تبييض الأموال المحورية. تكثر في هذه المشاهد لقطات السيارات المتدحرجة، ويتكلم رجال متجهمون بلغة مشفّرة مع الشخصيتَين الرئيسيتَين: "مو" (ليام هيمسوورث) وشريكه "سكونك" (إيموري كوهين). يحاول الاثنان عقد صفقة بأموال رب عملهما "بيريكو" (زلاتكو بوريك) بهدف تحسين مكانتهما.

لكن يغوص Killerman في حبكته الجاذبة بعد هذه المرحلة، فيصاب "مو" بارتجاج دماغي خلال حادث سير مروع مع "سكونك"، حيث تفشل الصفقة بأسوأ طريقة وتؤدي إلى مطاردتهما من جانب رجال شرطة قذرين في شوارع نيويورك الضيقة. يصاب "مو" بحالة حادة من فقدان الذاكرة، فلا يعرف من يكون أو نوع الحياة التي كان يعيشها. لكن بدل أن يأخذ قسطاً من الراحة، تتعقد صفقة المخدرات تلك، ويعيده "سكونك" إلى النوادي المألوفة ويضعه أمام أشخاص يعرفونهما. أثناء محاولة تصحيح مسار الصفقة، يضطر "مو" لمراجعة حياته، ومقابلة أشخاص كان قد تفاعل معهم، واكتشاف قدرته على ارتكاب العنف. يطوّر السيناريو نفسه بناءً على هذه الفكرة، بما يشبه المجازفة الجريئة التي أخذها غاي ريتشي في فيلم Revolver (المسدس) عبر بناء قصة الجريمة حول انفصام شخصية بطل القصة. يبدو السيناريو متماسكاً وسريع الإيقاع ويتماشى مع هذا العامل النفسي المحوري، ما يزيد جوانب التشويق في الأحداث على نحو مبهر.





يثبت Killerman أنه جريء بالقدر المطلوب، بدءاً من طريقة التصوير المبنية على ألوان داكنة مدهشة، وصولاً إلى الموسيقى التصويرية النابضة التي تؤجج مستوى التشويق في مشاهد الحركة التي يخوضها "مو". في مشهد مطاردة السيارات وغيره من اللقطات، يبدو المونتاج دقيقاً لدرجة أن نشعر بالارتجاج الدماغي الذي يصيب "مو" حين تصطدم مركبته بسيارة مركونة.

في ما يخص العنف، يقدّم الفيلم مشاهد مفصّلة ومتقنة، فيصرخ الرجال لإنقاذ حياتهم بعدما يخترقهم الرصاص ويتناثر الدم في كل مكان، أو تُمزّق الكلاب جلد البشر في مشاهد تعذيب مريعة. يبدو رجال الشرطة الذين يطاردون "مو" و"سكوك" (لا سيما الشرطي الذي يؤدي دوره نيكولا شريلي) متوحشين بمعنى الكلمة، وهم أساس أبرز المشاهد العنيفة في القصة. بدءاً من أول مشاهد الفيلم الذي يكشف تركيزه على عالم المجرمين والرغبة في فوز تجار المخدرات، تتطور أحداث Killerman في جو قاتم مقصود، حيث يصبح الشر عنصراً مدهشاً كما في أفضل قصص الجرائم. باختصار، إنه فيلم ثقيل وقوي، بما يختلف عن معايير هذا النوع من الأعمال السينمائية ويتماشى معها في الوقت نفسه. الحوار ركيك مثلاً لدرجة أن يجعلنا نتساءل إذا كان أعضاء العصابات بستراتهم الجلدية وتسريحة شعرهم الغريبة لا يتفوهون إلا بعبارات مبتذلة، أم أن الفيلم هو الذي وضعهم في هذا الإطار. ينطبق الانتقاد نفسه على دور النساء في هذه القصة، إذ تُستعمَل الشخصيات النسائية حصراً في إطار علاقات الحب التي يقيمها "مو" و"سكونك" وتُقدَّم بطريقة مألوفة ومملة.

مع ذلك، يخلق Killerman أسطورة غير متوقعة عبر اتخاذ خيارات متطرفة في أحداث القصة. يكشف المخرج أسلوبه المغامر بأفضل طريقة ممكنة ويجعل قصته قوية ومؤثرة.


MISS 3